Thursday, March 4, 2010

عرب و عثمانيون , رؤية مغايرة

كتبت 26 مارس، 2009
من الكتب السريعة التي قرأتها في الاونة الاخيرة كتاب " عرب و عثمانيون , رؤي مغايرة " تأليف الدكتور محمد عفيقي
منذ فترة و انا اهتم بالتاريخ الخلافة القريب و الولاية التركية العثمانية كما يحلو للبعض ان يسمونها , لان في الماضي كانت كلمة ترك ذات مدلول سئ .
و يبدأ الكاتب الكتاب بطرح تساؤل مهم هل كجئ العثمانين يسمي فتحا ام غزوا , فقد يبدوا السؤل ساذج او بيسط او من قبيل التنظير المحض و لكن الاجابة عنه تخفي ايديولوجيات و مقاصد اخري
و يري الكاتب ان التاريخ العثاني قد تم تناوله من منطلق اما شياطين ( دعاة اللبرالية القومية ) او انهم ملائكة ( الاسلاميون الذين يصورون منها اندلسا اخري و يكبون علي اطلال الخلافة ) و يري ان كلا الفريقين لم يوفق في عرض الامانة العلمية فمن الظلم اختذال تاريخ قرابة سته قرون في كلمة واحدة و موقف واحد فهذا غير واقعي بالمرة فهناك الوان اخري في قوس قزح و ليس الابيض الناصع او الاسود الحالك
يري الكاتب ان دعاة الليبرالية القومية ( عبد الرحمن الرافعي – حسن فوزي – لويس عوض ) يروجون للفكر الاستشراقي الذي هو دعاوي ان التاريخ يبدأ في المنطقة يبدأ عندما دخل الرجل الابيض الي الشرق بغرض تحديثة و انه كان من قبل غارق في العصور الوسطي الاسلامية الممثلة في الدولة العثمانية و يكرس الفكر فكرة المستبد العادل او الرجل العظيم , و يقول ان عله فكرهم هو النقل عن المستشرقين الذين كتبوا التاريخ بايديهم و هو غير موضوعي و مكتوب بلغة مراوغة تبرر اهدافهم في غزو الشرق و مجيئ الحملة الفرنسية فكما يقول يبرر فكرة اعلان الملكية في مصر و تأكيد مشروعيتها تاريخيا ً و احياء التاريخ الفرعوني .و ترسيخ اسطورة استقلال مصر و كانت اسطورة لأنها كانت قبله الجميع و لم تفقد تقردها بعد ان اصبحت ولايه عثمانية كما ان الحكم آن ذاك كان مستساغ للمسلمين جميعا و نعرة القومية هذه لم تظهر و تغذي الا بصنيعة الاحتلال لانها تغذي و تدعم الفرقة و التي هي ضد مبادئ الاسلام ( لا فارق لعربي علي اعجمي الا بالتقوي )
كما انه يوضع عن لهؤلاء القوميين اللبراليين صبغة اتقائية , فعلي سبيل المثال اخذ عبد الرحمن الرافعي عن ابن اياس حادثة استجلاب جميع رؤساء الصنائع من مصر الي الاسيتانة و ان هذا كان بداية خراب الصناعات في مصر , و لم يستكمل مع ابن اياس كلامه في ان السلطان امر بعدما اقام صناعة في استانبول امرهم بالعودة الي القاهرة مرة اخري و لكنهم ماطلوا و فضلا الاقامة فيها فارغمهم السلطان علي العودة الي القاهرة ! و كذالك اقتطع الرافعي هذه الرواية من تاريخ ابن اياس دون الحديث عن بقيتها لتأكيد وجه نظرة حول اضمحلال الصناعات و الفنون في مصر عبر ثلاثة قرون التي تمثلها الفترة العثمانية بها
و يري الكاتب ان المد الاسلامي و البحث عن الفردوس المفقود تمثل في كتاب الدكتور عبد العزيز الشناوي بعنوان الدولة العثمانية دولة الاسلام المفتري عليها
و علي الرغم من التحفظ علي ايديولوجية الكتاب الا ان الدكتور عفيقي يري ان اهمية الكتاب العلمية عالية للغاية , لانه يفند حجج المستشرقين حول صورة الاسلام و يهاجم ايضا القوميين اللبراليين ( ... نسوا ان الدولة العثمانية واجهت اخطارا جسيمة كانت تهدد العالم الاسلامي مثل وصول البرتغاليين الي البحار الشرقية و تسللهم الي شرقي الجزيرة العربية و محاولاتهم المتكررة دخول البحر الاحمر من منفذه الجنوبي ) و هاكذا يأتي كتاب الشناوي بعد هزيمة يونيو و تصاعد حركة الاسلام السياسي كمحاولة لتجاوز الانكسار بحكايات عن الزمن الجميل و اختراع اندلس جديدة و مع هذا لا يقلل الكاتب من اهمية هذا الكتاب
تيار الاسلاميون الجدد
و هو يضم مجموعة من المثقفين معظمهم مسلمون و قليل منهم مسيحيون و يؤمنون بمشروع حضاري اسلامي و انه البديل عن الثقافة الغربية الغازية و يتميز هذا التيار بالحوار الهادئ مع الغرب و ان لم يختلف في نقد اطروحات المستشرقين و اثرهم المضلل في التاريخ العثماني مثل كتاب الباحث العراقي قيس الجواد العزاوي ( الدولة العثمانية , قراءة جديدة لعوامل الانحطاط ) و هذا التيار الفكري عامة لا يرفض فكرة التحديث وو لكنه يرفض فكرة التغريب و لذلك يرفض فكرة الاستعمار من اجل التحديث ( التغريب في حقيقة الامر ) و يعتبر هذا التيار امتداد لمدرسة جمال الدين الافغاني و محمد عبده في الاصلاح الاسلامي , كما انه لا يتجاهل العواقب الوخيمة التي نتجت من الحروب التي دارت بين الدولة الصفوية الشيعية و الدولة العثمانية السنية
تطور الدراسات حول الولايات العثمانية العربية الان
حدث ذلك مع وجود العثمانيون الجدد كما يسميهم المؤلف , وواكب ذلك تشكيل لجنة دولية للتاريخ الاقتصادي الاجتماعي للامبراطورية العثمانية و عقدت سبعة مؤتمرات , و من الملاحظات المهمة حول تطور دراسات التاريخ الاقتصادي للولايات العربية العثمانية الوجود و النشاط المتزايد للباحثين الاسرائيليين فشارك في المؤتمر 150 باحث , 10 منهم من اسرائيل و 15 من الدول العربية مجتمعة و علي ايه حال لا تخلو كتابات اشهر باحث عن تاريخ مصر في العصر العثماني " مايكل ونتر " من وجه نظر صهيونية عند الحديث عن تاريخ الاقليات في مصر في العصر العثماني و ينفي هذا المؤلف لان الدولة العثمانية كانت الملجئ و الملاذ لمسلمي الاندلس اثر سقوط الاندلس بل و اوت بعض اليهود الذين كانوا يعانوا من الاضطهاد العنصري بعد سقوط الاندلس ( يدعون السفارديم )و يذكر بعض المؤرخون التسامح الذي كان يعيش في كنفه اليهود في الدولة الاسلامية في مقابل التعسف الكاثوليكي تجاههم ايضاً كما ان التنقل بين الولايات كان متاحاً و ان النظام العثماني لم يكن ليتدخل في الشؤون الداخلية للاقاليم
و بعد ظهور حجج التركات أن ذاك , كانت مادة خصبة للتعرف اكثر علي اوضاع الاقاليم و الولايات , فكان دور الاوقاف في دعم الانشطة و تمويلها ذاتيا , و كان اصحاب الحرفة الواحدة يتجمعون في نظام اشبه بنظام النقابات يسمي الطوائف و كانوا ينتخبون كبيرة الطائفة و كانت لكل طائفة مجموعة من القوانين و معايير الجودة و اسعارها و من يخالف اداب المهنه يحق لشيخ الطائفة ان يستصدر قرار من القاضي بمنعه من ممارستها ... كما ان وضع النساء لم يكن معروفا و لكن دلت الحجج علي ان النساء كن يمارسن حق الخلع و كان متعارف عليه , كما ان النساء كن يضفن بعض الشروط في عقد الزواج و كانت بعض النساء يوقفن اراض لخدمة العلم و بناء المدارس و المساجد مثل رابعة اخت حام الموصل و يذكر انه حتي في اقاصي ليبيا كانت هناك اسواق فيالجنوب تسمي اسواق النساء لان كل البائعات فيها من النساء
و يبرهن الكاتب بامثلة ذكرها عن مؤرخين و رحالة عرب ذكروا مصر بمكانة متميزة حي بعد دخولها تحت لواء الدولة العثمانية , فالجميع ينشد الشعر انها دولة لا مثيل لها من عدد مأذنها و جامعها الازهر الذي لا يضاهيه جامع بعد المساجد الثلاث كما ان النيل يخلب لب كل من يمر عليه و كانت تعتبر من اكبر المدن العربية فمسيرتها شهر كما يقولون كما ان الدولة العثمانية كانت تنظم قافلتين للحج احداها قافلة الشام و الاخري القافلة المصرية
و ما يقال عن تدهور حال المدن العربية ابان الحكم العثماني فهو غير دقيق , لان المدن العربية كانت لازالت تعاني من اثار الخراب , فالمدن العراقية كانت لازالت متأثرة بكارثة الغارات المغولية , و دمشق و الشام اثر هجمات تيمور لنك و سكان القاهرة كانت حالة الدولة المملوكية قد وصلت لتدهور لدرجة انعدام الرعاية الصحية و انتشار الاوبئة و الطاعون بها و بعد ذلك عند رصد حركة النمو السكاني نجد زيادة في سكان اغلب المدن , نتيجة للنمز الطبيعي او نتيجه للهجرات الداخلية او من نزوح الفارين الاندلسيين
اما عن الاقليات الغير مسلمة فكانت الادارة المركزية في استنابول تترك حرية السياسة الداخلية للاقليم و لا تتدخل بشكل مباشر في شؤون الرعايا و تكتفي بحق السيادة و الدفاع و فرض الضرائب و تطبيق الشرع ,و تنظم ادارة الغير مسلمين بما يعرف بنظام الملل , فلا تدخل في امور العبادات و الاحوال الشخصية و الاعتراف الرسمي بالرؤساء الدينيين لهؤلاء الطوائف و كذالك استفادت الطوائف الغير مسلمة من التسامح الديني ففي القاهرة عندما وصلت الحملة الفرنسية كان سكانها 263 الف كان بها 10 الاف قبطي و 3 الاف يهود و 5 الاف مسيحي من سوريا و 5 الالف يوناني و الفي ارمني.
و من ناحية اخري وجه البعض نقد سلبي لنظام الملل حيث استفاد التدخل الاجنبي من استمالة ولاء بعض الملل له فضلا عن التوسع في نظام الامتيازات الاجنبية ليشمل الحماية الاوروبية للملل , مما حدا بالبعض ليقول بان نظام الملل و الوصايه الاجنبية كان من اهم اسباب الانهيار العثماني لكن هذا لا ينفي بقاء نظام الملل دليل علي التسامح الديني و احترام الحريات الشخصية في زمن كانت اوروبا الغربية تضطهد فيه الاغيار .
انتهي الكتاب الذي اضاف الي خبرات كثيرة لم اكن اعرفها من قبل و اردت ان اتقاسمها معكم ,و حقا اعجبت بالتناول الهادئ و البناء ... كما انني اشم اثر و تأثر الكاتب بتحري الصدق و التجريد و عدم الاختذال و بعض المصطلحات مثل الرجل الابيض و العنوان المركب للكتاب .

1 comment:

أنس خالد said...

الكتاب نازل مع مكتبة الشروق
ونفسي فعلا أجيبه
لكن خايف أقعد أقرأ فيه
والمذاكرة تروح في داهية !!
___